– كيف يلبي التيار الدعوة إلى اللقاء، وفخامة رئيس الجمهورية لا يشارك ؟؟؟ (حبيب البستاني)
شكلت زيارة فخامة الرئيس إلى دير القمر قلب الجبل حدثا سياسيا بحد ذاته، فالزيارة التي تمثلت بالمشاركة في القداس الإلهي الذي ترأسه صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الراعي بمناسبة عيد سيدة التلة شفيعة الجبل، والتي جاءت إحياء لتقليد يقضي بحضور رئيس الجمهورية في هذا العيد الذي كرسه الرئيس الراحل بشاره الخوري عيدا وطنيا، بعد أن أعلنه المثلث الرحمات المطران أغسطين البستاني، في العام ١٩٣٦، في الأحد الأول من آب٠
كذلك فإن القداس أقيم على نية مصالحة الجبل في العام ٢٠٠١، وكان من المنتظر أن يقام إحتفال كبير في دار المطرانية في بيت الدين، يحضره معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط ويلقي خلاله كلمة بالمناسبة، كون المصالحة حصلت آنذاك بينه وبين صاحب الغبطة مار نصرالله بطرس صفير، إلا أن تبدلا حصل في اللحظات الأخيرة وأدى إلى اعتذار النائب وليد جنبلاط لآسباب قيل إنها خاصة، واقتصر اللقاء على صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي والهيئات الكنسية، وممثلين عن الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، فيما سجل غياب التيار الوطني الحر، والكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار٠
في غياب الرئيس التيار لا يلبي الدعوة
لم يلبي التيار الوطني الحر الدعوة إلى اللقاء، وكيف يلبيها وفخامة رئيس الجمهورية لا يشارك فيها، وكيف يلبي فخامة رئيس البلاد دعوة إلى الإحتفال ليست برعايته؟ لقد ولى الزمن الذي كان خلاله رئيس البلاد مغيبا عن لعب الدور الأساس في كل مفاصل الحياة السياسية اللبنانية، فلا السلطة الكنسية مع احترامنا الشديد لها، ولا أي سلطة أخرى بإمكانها أن تنوب عن الرئيس أو تختصر دوره أو تغيبه، سيما وأن فخامته أعطى لنفسه صفة الأبوة لكل اللبنانيين من مختلف الطوائف والمشارب والعقائد، فخامة الرئيس هو بي الكل، وهو الذي يرعى شؤون أبنائه ومصالحهم، ويشرف على التفاهمات في ما بينهم٠
ألعودة تتطلب مرجعية سياسية
زيارة فخامته إلى الجبل أعطت الطمأنينة إلى كل أبناء الجبل لا سيما العائدين منهم، فالعودة لا تطلب فقط موارد مالية وإنمائية، إنما تطلب الطمأنينة والمرجعية السياسية، التي من دونها لا عودة مكتملة ولا حياة ندية مشتركة يسودها التساوي بين كل مكونات الجبل٠ وليس من المستغرب أن يتزامن التهجير القصري للجبل في العام ١٩٧٥ مع تهجير الزعيم الكبير فخامة الرئيس كميل نمر شمعون من منزله في السعديات، ومنذ ذلك التاريخ إنكسرت المعادلة السياسية الفريدة بين كميل وكمال، بين فخامة كميل شمعون والمعلم كمال جنبلاط٠ ومنذ ذلك الوقت كان للموارنة والمسيحيين رجالا، ساسة نواب ووزراء، كان لهم حيثيتعم ولكنهم لم يتمتعوا بالزعامة السياسية والمرجعية التي تمتع بها الرئيس شمعون٠
فخامة الرئيس ضمانة أبناء الجبل
واليوم وبعد السنبن العجاف، فإن أبناء الشوف والجبل، يرون في فخامة رئيس الجمهورية، الزعيم الذي طالما حلموا به والذين عملوا بكل ما لديهم من قوة لترجمة الحلم إلى حقيقة، وهم يرون فيه مرجعيتهم وضمانتهم في استرداد حقوقهم، لا سيما السياسية منها، مع كامل معرفتهم، أن فخامة الرئيس هو رئيس كل لبنان ويحمل في قلبه هموم كل اللبنانيين٠
وهكذا لقد بات واضحا، أنه بعد الرئيس عون لا يمكن أن يكون كما قبله، ومن المؤكد أن الأطراف السياسية أصبحت على يقين من ذلك، وهي ستعيد حساباتها لتتلاءم مع الواقع الجديد، وهي لا شك قد بدأت٠
*كاتب لبناني